ظاهرة غريبة تحير علماء النفس والاجتماع الذين يعكفون علي دراستها دون أن يستطيعوا الوصول إلي تفسير لها بعد.. الظاهرة عبارة عن امرأة في الخامسة والخمسين من عمرها اسمها "ماتا امريتانانداماي" وبسبب هذا الاسم المعقد فإن الجميع يعرفونها باسم مختصر هو "اما" تعيش هذه السيدة في جنوب الهند علي شاطئ البحر العربي ففي هذه المنطقة يمكن للمرء أن يطالع منظراً رائعاً يأخذ بمجامع القلوب لأشجار جوز الهند والكاجو.
اختارت أمي هذا المكان الرائع وبنت لنفسها مع أتباعها عند مصب أحد الأنهار مجمعاً من المباني لإقامتها مع أتباعها. وإلي هذا المكان يتدفق ألوف السائحين يومياً. وبعد زيارته لا يعودون من حيث أتوا بتذكارات أو هدايا أو غيرها. يعود كل منهم فقط بثمرة فاكهة صغيرة أو فطيرة صغيرة من الفواكة التي تنبت في المنطقة.
أهم تذكار!!!
لكن أهم ما يعودون به هو حضن أو عناق مع تلك السيدة التي يعرف مجمعها السكني أحياناً بعاصمة العناق في العالم. وهذا هو سر الغرابة في حالة أمي حيث يقدر البعض أنها منذ بدأت مرحلة العناق هذه عانقتت حتي الآن 25 مليون شخص علي الأقل كما أنها يمكن أن تقضي حتي عشرين ساعة يومياً في معانقة زوار مجمعها الذي يطلق عليه "اشرام" أو "ساشين" وهي في النهاية لا يصيبها الملل من كثرة العناق وتعانق آخر شخص بنفس الحماس والنشاط والحيوية التي تعانق بها أول شخص وهي كما تقول عن نفسها يمكن أن تكتفي بساعة واحدة فقط من النوم يومياً أما كيف يأتي هذا العناق فإن الأمر مثير للغاية. في البداية يذهب زوارها إلي ساحة واسعة في الهواء الطلق مملوءة بالكراسي المصنوعة من البلاستيك وفي تلك الساحة يوجد مجموعة من أتباعها يشدون باغان تتحدث عن الحياة والحب وغيرها. وكل هذه الأغاني تكون بلغة "الملايالام" وهي واحدة من 18 لغة رسمية في الهند ولا تتحدث أمي سواها ويمكن للحاضرين الاستمتاع بالموسيقي وإذا أرادوا فهم ما يقال. يمكنهم طلب ورقة بها ترجمة انجليزية لمعاني الأغاني. وبعد قليل تظهر أمي في أوج زينتها وقد ارتدت ساريا أبيض اللون يزيد شكلها جمالاً ومهابة. وتجلس علي كرسي خاص بها يشبه العرش ومغطي بقماش ذهبي فاخر. وهنا تبدأ إلقاء موعظة ليس لها أي طابع ديني وليس لها علاقة بالديانة الهندوسية التي تعتنقها. تكون الموعظة عبارة عن مبادئ عامة لا يختلف حولها المسلم أو المسيحي أو اليهودي أو البوذي أو الوثني أو أتباع أي دين آخر. وربما كانت تقترب أحياناً من نصائح للمحافظة علي البيئة وحمايتها من التلوث. فهي تركز علي ضرورة أن يعيش الإنسان حياة من النقاء وأن ينقي نفسه ويترك كل ما حوله من الطبيعة نقياً طاهراً سواء كان ماء أو هواء أو نباتاً وتركز بعد ذلك علي أن كل هذا النقاء لن يتحقق بدون أن يحب الإنسان كل ما حوله مثلما يحب نفسه وكل ذلك بالطبع بلغتها الملايالام مع وجود مترجمين إلي الانجليزية أو لغات أخري إذا استدعي الأمر.
طابور
ويلاحظ أيضاً أنها تقوم بتلوين صوتها عدة مرات بشكل يمكن أن يتأثر به حتي من لا يفهم اللغة التي تتحدث بها. كما أنه تومئ بعينها كثيراً خلال خطبتها وبعد انتهاء الخطبة تبدأ المرحلة الأهم وهي العناق. ها يقف السائحون في طوابير حيث تضع رأس الشخص الذي يمكن أن يكون ذكراً أو أنثي بين كتفها ورأسها لفترة تتراوح بين دقيقة أو عدة دقائق حسبما تري وحسب تقديرها الشخصي. وتتمتم بكلمات بلغتها لا يسمعها أحد. وبعد أن ينتهي العناق يغادر الشخص بعد أن يحصل علي الفطيرة أو ثمرة الفاكهة ليفسح المجال لغيره. ولا تتقاضي أمي أية رسوم ممن يدخلون معقلها ولا مقابل العناق. ومع ذلك فإن العديد من الرواد يتبرعون بسخاء لأعمال الخير بعد الراحة النفسية التي يحصلون عليها من هذا العناق!!!. وتقوم أمي بدورها بتوجيه هذه الأموال للأغراض الخيرية بعد استقطاع ما يكفي لنفقات معيشتها مع أنصارها. وهي عموماً تعيش حياة بسيطة.
وقد بدأت دراسة ظاهرة أمي منذ أكثر من عشر سنوات من جانب أكثر من جهة علمية دون أن يستطيع أحد التوصل إلي سبب حقيقي ومقنع لها. وكانت المفاجأة أن أسرتها نفسها تنظر إليها كامرأة مجنونة وترفض الاتصال بها أو قبول مساعدات منها. وأقصي ما استطاع الباحثون التوصل إليه هو ما جاء في دراسة لمركز الدراسات الهندوسية في جامعة فلوريدا الأمريكية. فقد أرجعت دراسة ميدانية ظاهرة أمي أن الأمر لا يزيد عن كونه عقيدة عبادة الأشخاص المتغلغلة في الهندوسية والتي استغلتها أمي بنجاح. ويقول كاتب البحث أنه زار "عاصمة الأحضان" أكثر من مرة وعانق أمي غير المتزوجة فوجدها ذات شخصية ساحرة وجذابة