ودع هريرة إن الركب مرتحل ... و هل تطيق وداعاً أيها الرجل |
غراء فرعاء مصقولٌ عوارضها ... تمشي الهوينى كما يمشي الوجي الوحل |
كأن مشيتها من بيت جارتها ... مر السحابة لا ريثٌ و لا عجل |
تسمع للحلي وسواساً إذا انصرفت ... كما استعان بريحٍ عشرقٌ زجل |
ليست كمن يكره الجيران طلعتها ... و لا تراها لسر الجار تختتل |
يكاد يصرعها لولا تشددها ... إذا تقوم إلى جاراتها الكسل |
إذا تلاعب قرناً ساعةً فترت ... و ارتج منها ذنوب المتن و الكفل |
صفر الوشاح و ملء الدرع بهكنةٌ ... إذا تأتى يكاد الخصر ينخزل |
نعم الضجيع غداة الدجن يصرعها ... للذة المرء لا جافٍ و لا تفل |
هركولةٌ ، فنقٌ ، درمٌ مرافقها ... كأن أخمصها بالشوك ينتعل |
إذا تقوم يضوع المسك أصورةً ... و الزنبق الورد من أردانها شمل |
ما روضةٌ من رياض الحزن معشبةٌ ... خضراء جاد عليها مسبلٌ هطل |
يضاحك الشمس منها كوكبٌ شرقٌ ... مؤزرٌ بعميم النبت مكتهل |
يوماً بأطيب منها نشر رائحةٍ ... و لا بأحسن منها إذ دنا الأصل |
علقتها عرضاً و علقت رجلاً ... غيري و علق أخرى غيرها الرجل |
و علقته فتاة ما يحاولها ... و من بني عمها ميت بها وهل |
و علقتني أخيرى ما تلائمني ... فاجتمع الحب ، حبٌ كله تبل |
فكلنا مغرمٌ يهذي بصاحبه ... ناءٍ و دانٍ و مخبولٌ و مختبل |
صدت هريرة عنا ما تكلمنا ... جهلاً بأم خليدٍ حبل من تصل |
أ أن رأت رجلاً أعشى أضر به ... ريب المنون و دهرٌ مفندٌ خبل |
قالت هريرة لما جئت طالبها ... ويلي عليك و ويلي منك يا رجل |
إما ترينا حفاةً لانعال لنا ... إنا كذلك ما نحفى و ننتعل |
و قد أخالس رب البيت غفلته ... و قد يحاذر مني ثم ما يئل |
وقد أقود الصبا يوماً فيتبعني ... وقد يصاحبني ذو الشرة الغزل |
وقد غدوت إلى الحانوت يتبعني ... شاوٍ مشلٌ شلولٌ شلشلٌ شول |
في فتيةٍ كسيوف الهند قد علموا ... أن هالكٌ كل من يحفى و ينتعل |
نازعتهم قضب الريحان متكئاً ... و قهوةً مزةً راووقها خضل |
لا يستفيقون منها و هي راهنةٌ ... إلا بهات و إن علوا و إن نهلوا |
يسعى بها ذو زجاجاتٍ له نطفٌ ... مقلصٌ أسفل السربال معتمل |
و مستجيبٍ تخال الصنج يسمعه ... إذا ترجع فيه القينة الفضل |
الساحبات ذيول الريط آونةً ... و الرافعات على أعجازها العجل |
من كل ذلك يومٌ قد لهوت به ... و في التجارب طول اللهو و الغزل |
و بلدةٍ مثل ظهر الترس موحشةٍ ... للجن بالليل في حافاتها زجل |
لا يتنمى لها بالقيظ يركبها ... إلا الذين لهم فيها أتوا مهل |
جاوزتها بطليحٍ جسرةٍ سرحٍ ... في مرفقيها ـ إذا استعرضتها ـ فتل |
بل هل ترى عارضاً قد بت أرمقه ... كأنما البرق في حافاته شعل |
له ردافٌ و جوزٌ مفأمٌ عملٌ ... منطقٌ بسجال الماء متصل |